إستمتع بتلاوة القرآن الكريم

أنواع النسخ

 للنسخ أنواع متعددة باعتبارات مختلفة و ذلك حسب تقسيماته:

أولا: أنواع النسخ من حيث التصريح به و عدمه:

  • النسخ الصريح: بان ينص صراحة في التشريع اللاحق على إبطال التشريع السابق.
  • قال تعالى: ( يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال غن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين ) إلى قوله تعالى ( و الله مع الصابرين ) فكتب عليهم أن لا يفر واحد من عشرة قال: ثم نزلت ( الآن خفف الله عنكم… ).

روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما فقال لما نزلت ( إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين ) فكتب عليهم أن لا يفر واحد من عشرة قال ثم نزلت:( الآن خفف الله عنكم) فكتب أن لا يفر مائة من مائتين.

و قال ابن كثير عند تفسيرها: قال الله تعالى مبشرا وآمرا( إن يكن منكم…) كل واحد ببشارة ثم نسخ هذا الآمر و بقيت البشارة.

فالشارع هنا يصرح بأن وجوب ثبات الواحد أمام الاثنين قد أبطل وجوب ثباته أمام العشرة تخفيفا و رحمة.

  • قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ” كنت نهيتكم على زيارة القبور ألا فزروها فإنها تذكركم الحياة الآخرة.

قال النووي رحمه الله تعالى: هذا الحديث مما صرح فيه بالنسخ و المنسوخ جميعا، و هذا النهي إنما كان لحداثة العهد بالكفر و الوثنية، فلما انمحت آثار الجاهلية و استحكم الإسلام و صار الناس أهل يقين و تقوى زالت المحاذير و أصبح لا مانع من زيارتها لاسيما و قد ذكر الحديث أنها ترقق القلوب و تثير العبرة حيث أنها تذكر بالموت و الدار الآخرة، و كل ذلك شريطة عدم التمسح بها أو التقبيل لها أو السجود إليها و نحوه.

  • النسخ الضمني: وهو أن يوجد نصان متعارضان فيما بينهما بالحكم، ولا يمكن التوفيق بينهما بوجه من وجوهه، و ليس في أحدهما ما ينص صراحة من قبل الشارع على إبطال الآخر و يثبت لدينا أن أحد النصين سابق للآخر فيعتبر النص اللاحق في هذه الحالة ناسخا لحكم النص السابق ضمنا.وهذا النوع من النسخ هو الغالب في التشريع الإلهي، و أمثلته أكثر أمثلة النسخ و منها.
  • قوله تعالى:( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين و الأقربين) فهذه الآية تدل على أن المالك إذا حضرته الوفاة يجب عليه أن يوصي لوالديه و أقاربه من تركته بالمعروف، وهذا الحكم متعارض مع الحكم الذي يقرره قوله تعالى( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) حيث يدل على أن الله تعالى قسم تركة كل مالك بين ورثته حسب ما اقتضت حكمته، و لم يعد حقا للمورث نفسه و لذا فان الجمهور على أن آيات المواريث الناسخة لوجوب الوصية للوالدين و الأقربين وواضح أن الآيات الناسخة لم تصرح بإبطال حكم الآية المنسوخة.
  • ومن النسخ الضمني نسخ وجوب الجلد مع الرجم على الزاني المحصن المذكور في حديث مسلم عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ” خذوا عني، خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة و تغريب عام، و الثيب بالثيب جلد مائة و الرجم”. فانه نسخ بفعله صلى الله عليه و سلم فانه رجم و لم يجلد.

قال ابن كثير في تفسيره: ذهب الجمهور بفعله إلى أن الثيب الزاني إنما يرجم فقط من غير جلد، قالوا لأن النبي صلى الله عليه و سلم رجم ماعزا و الغامدين و الجارية اليهودية ولم يجلدهم قبل ذلك فدل على أن الجلد ليس بحكم بل هو منسوخ على قولهم.

ثانيا: أنواع النسخ من حيث الكلية و الجزئية: قد يكون النسخ كليا و قد يكون جزئيا بالنظر إلى الأفراد الذين يكفي الحكم في حقهم من حيث الشمول و عدمه.

  • النسخ الكلي: هو أن يبطل الشارع حكما شرعه من قبل إبطالا كليا بالنسبة إلى كل فرد من أفراد المكلفين دون أن يستثني منهم أحد

و مثاله: عدة المتوفى عنها زوجها غير الحامل كانت سنة لقوله تعالى:( و الذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج ) ثم نسخ بوجوب تربصها أربعة أشهر و عشرة أيام فقط لقوله تعالى( و الذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) .

روى البخاري عن ابن أبي مليكه قال: قال ابن الزبير: قلت لعثمان بن عفان: هذه الآية التي في البقرة ( و الذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا…. غير إخراج ) قد نسختها الآية الأخرى فلم تكتبها؟ قال: دعها يا ابن أخي لا أغير شيئا منه من مكانه.

و هذا الحكم في حق كل معتدة حامل يتوفى عنها زوجها.

v    النسخ الجزئي: و هو أن يشرع الشارع حكما عاما شاملا كل فرد من أفراد المكلفين و في جميع الأحوال، حكم يلغي هذا الحكم بالنسبة إلى بعض الأفراد دون بعض أو في بعض الحالات دون بعض، فالنص الناسخ لا يبطل العمل بالحكم الأول أصلا و لكن يبطله بالنسبة لبعض الأفراد.

ومثاله: ( و الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ) فإنه يدل على أن كل قاذف لم تقم له بينة على ما قذف يجلد ثمانين جلدة سواء أكان زوجا أو غيره.

و قوله تعالى: ( و الذين يرمون أزواجهم و لم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادة بالله إنه لمن الصادقين، و الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ) يدل على أن القاذف إذا كان زوجا لا يجلد بل يلاعن، فالنص الثاني لم ينسخ حكم القاذف مطلقا بل نسخه في حق الأزواج فقط.

و روى أبو داود و غيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن هلال ابن أمية رضي الله عنه قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه و سلم بشريك بن سمحاء فقال النبي صلى الله عليه و سلم البينة و إلا حد في ظهرك، فقال: يا رسول الله إذا رأى أحدنا رجلا على امرأته يلتمس البينة؟ فجعل النبي صلى الله عليه و سلم يقول: البينة و إلا حد في ظهرك فقال هلال: و الذي بعثك بالحق نبيا إني لصادق، و لينزلن الله في أمري ما يبرئ به ظهري من الحد، فنزلت الآية ( و الذين يرمون أزواجهم ) و في رواية ذكره رسول الله صلى الله عليه و سلم ما جاء به و اشتد عليه فنزلت، فسري عن رسول الله صلى الله عليه و سلم  و قال: ” ابشر يا هلال قد جعل الله عز و جل لك فرجا و مخرجا ” قال هلال: قد كنت أرجو ذلك من ربي “.

و من هذا النوع نسخ وجوب، و من جاء علما من أهل مكة إلى المدينة بعد صلح الحديبية في حق النساء فقط دون الرجال، فقد كان من بنود الصلح: ” أن لا يأتينك منا أحد و إن كان على دينك إلا رددته إلينا “. فهاجرت أم كلثوم بنت عقب ابن أبي معيط فجاء أخواها عمارة و الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فكلمه فيها حتى يردها إليهما فأنزل الله تعالى قوله: ( يا أيها الذين ﺁمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهم مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار ) فنقض الله العهد بين الرسول صلى الله عليه و سلم و بين المشركين في النساء خاصة و منعه أن يردهن إلى المشركين.

ثالثا. النسخ من حيث البدل و عدمه:

v    النسخ إلى بدل: و هو أن يشرع الشارع حكما جديدا يبطل به الحكم السابق و يكون بدلا عنه، و هذا النوع من النسخ هو الغالب في الأحكام التي جرى فيها النسخ و أمثلته كثيرة منها نسخ وجوب حبس الزانية الذي دل عليه قوله تعالى: ( و اللاتي يؤتين الفاحشة من نسائكم فأشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا ) فإنه نسخ بالجلد الذي دل عليه قوله تعالى: ( و الزانية و الزاني فاجلدوا كل واحد منها مائة جلدة ) و بالرجم الذي دلت عليه السنة الصحيحة.

قال ابن كثير في تفسيره: كان الحكم في ابتداء الإسلام أن المرأة إذا ثبت زناها بالبينة العادلة حبست في بيت فلا تمكن من الخروج منه إلى أن تموت و لهذا قال: ( و اللاتي يؤتين الفاحشة ….أو يجعل الله لهن سبيلا ) فالسبيل الذي جعل الله هو الناسخ لذلك.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان الحكم كذلك حتى انزل الله سورة النور فنسختها بالجلد أو الرجم. قال ابن كثير: و هو أمر متفق عليه، ثم ذكر حديث مسلم عن عبادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم : خذوا عني، خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا… ).

v    النسخ بلا بدل:

–         نسخ وجوب تقديم الصدقة بين يدي مناجاة الرسول صلى الله عليه و سلم دل عليه قوله تعالى: ( يا أيها الذين ﺁمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم و أطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم ) فإنه نسخ لما دل عليه قوله تعالى: ( أشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإن لم تفعلوا و تاب الله عليكم فأقيموا الصلاة و ﺁتوا الزكاة و اطيعوا الله و رسوله و الله خبير بما تعملون ).

روى الترمذي عن علي رضي الله عنه قال: لما نزلت: ( يا أيها الذين ﺁمنوا إذا ناجيتم … ) قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم ما ترى دينار؟ قال: لا يطيقونه، قال: نصف دينار؟ قال: لا يطيقونه، قال: ما ترى؟ قال: شغيرة فقال النبي صلى الله عليه و سلم : – إنك لزهيد! فنزلت ( أشفقتم ) قال: علي: ” بي خفف الله عن هذه الأمة “.

و ذكر ابن كثير روايات عدة عن علي رضي الله عنه يذكر منها أنه هو الذي عمل بهذه الآية ثم نسخ حكمها، و يروي قوله: ما عمل بها أحد غيري حتى نسخت قال مجاهد: وأحسبه قال: و ما كانت إلا ساعة. وواضح أن حكمها نسخ إلى غير بدل.

–         نكاح المتعة: فقد رخص به فترة زمنية غير طويلة ثم نسخ جوائزها إلى غير بدل، روى مسلم و غيره أن رسول الله صلى الله عليه و سلم رخص بها أول الإسلام لمن اضطر إليها و خاصة ما ورد أنه رخص بها يوم أو يومين في غزوة خيبر و فتح مكة ثم حرمها أبدا.

فقد روى مسلم عن الربيع ابن سبرة الجهني أن أباه حدثه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه و سلم  فقال: ” يا أيها الناس إني كنت قد أذنت في الاستمتاع من النساء و إن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة “.

هذا و لقد نقل الأئمة إجماع السلف و الخلف على تحريمها، و أن من فعلها أقيم عليه الحد.

رابعا: أنواع النسخ من حيث المساواة: إن الغالب في النسخ الشرعي أن يكون إلى بدل من الحكم المنسوخ و هذا البدل يمكن أن يكون مساويا للمنسوخ أو أخف منه أو أثقل و كل منها واقع شرعا.

v    النسخ إلى المساوي: و هو أن يشرع الشارع حكما لاحقا يبطل به الحكم السابق و يكون الناسخ مماثلا للمنسوخ من حيث الكلفة و المشقة و مثاله تحويل القبلة، فقد كان الواجب على المسلمين أن يتوجهوا في صلاتهم إلى بيت المقدس فنسخ ذلك بوجوب التوجه إلى بيت الله الحرام لقوله تعالى ( فول وجهك شطر المسجد الحرام ) روى البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: صلينا مع النبي صلى الله عليه و سلم نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ثم صرفه نحو القبلة ( و من حيث خرجت فول شطر المسجد الحرام و إنه للحق من ربك و ما الله بغافل عما تعملون ).

و روي أيضا عن عمر ابن عمر رضي الله عنهما: بينما الناس يصلون الصبح في قباء جاءهم رجل فقال: إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد انزل علية الليلة قرﺁن و أمر أن يستقبل الكعبة ألا فاستقبلوها، و كان وجه الناس إلى الشام فاستداروا بوجوههم إلى الكعبة، وواضح أن التوجه إلى الكعبة لا يختلف من حيث الكلفة عن التوجه إلى بيت المقدس فهو مماثل له و مساو معه.

v    النسخ إلى الأخف: و هو أن يكون الحكم الناسخ اخف من حيث الكلفة و المشقة من الحكم المنسوخ و مثاله: نسخ تحريم المباشرة و الطعام ليلة الصيام، فقد كان الأمر في ابتداء وجوب الصوم على المسلمين أنه إذا أفطر أحدهم حل له الأكل و الشرب و الجماع ما لم يصلي العشاء أو ينام، فإذا صلى العشاء أو نام حرم عليه ذلك إلى الليلة القابلة.

ووجد المسلمون من ذلك مشقة شديدة فخفف الله تعالى عنهم و أنزل قوله عز و جل: ( أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم و انتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختا نون أنفسكم فتاب عليكم و عفا عنكم فالآن باشروهن و ابتغوا ما كتب الله لكم و كلوا و اشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثُم أتموا الصيام إلى الليل و لا تبشروهن و انتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله ﺁياته للناس لعلهم يتقون ) فأباح لهم الله الطعام و غيره حتى طلوع الفجر.

فعن معاذ بن جبل أن رجلا من الأنصار يقال له سراقة بن قيس كان يعمل صائما حتى أمسى فجاء إلى أهله فصلى العشاء ثم نام فلم يأكل و لم يشرب حتى أصبح فأصبح صائما فرﺁه رسول الله صلى الله عليه و سلم و قد جهد جهدا شديدا فقال: ما لي أراك قد جهدت جهدا شديدا؟ قال:يا رسول الله قد عملت أمس فجئت فألقيت نفسي فنمت فأصبحت حين أصبحت صائما. قال: و كان عمر قد أصاب من النساء بعدما نام فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فذكر له ذلك، فأنزل الله عز و جل: ( أحل لكم ليلة الصيام ) إلى قوله، ( ثم أتموا الصيام إلى الليل ).

و في البخاري عن البراء رضي الله عنه: لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله و كان الرجال يخونون أنفسهم فانزل الله ( علم الله أنكم كنتم تختا نون أنفسكم … ).

و لا شك أن الأحكام التي قررتها الآية أخف كلفة من الأحكام التي نسختها و التي كانت مقررة وواجبة من قبل.

v    النسخ إلى الأثقل: و هو ان يكون الحكم الناسخ أثقل كلفة و أكبر مشقة من الحكم المنسوخ و هذا النوع من النسخ خالف فيه البعض، و الجمهور على جوازه ووقوعه، و ذلك أن الناسخ يراد به مصلحة المكلفين، و قد تقتضي مصلحتهم حكما أشق عليهم من الحكم المنسوخ، فتحريم الخمر و الميسر أشق عليهم من إباحتها و لكن المصلحة في التحريم و إنما يقصد في التشريع المصلحة، و هذا هو المراد من قوله تعالى: ( ما ننسخ من ﺁية أو نسها نات بخير منها… ).

و الأمثلة على هذا النوع كثيرة منها.

*نسخ التخيير بين الصوم و الفدية بتعيين الصوم، فقد كان المكلف الذي يطيق الصيام مخيرا – أول الأمر – بين أن يصوم أو يفطر و يفدي عن الصيام كل يوم بإطعام مسكين إن كان الصوم أفضل، و ذلك لقوله تعالى ( و على الذين يطيقونه فدية طعام مساكين فمن تطوع خيرا فهو خير له و أن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون )، و لكن هذا التخيير للمستطيع نسخ بتعيين الصوم الذي دل عليه قوله تعالى: ( شهر رمضان الذي انزل فيه القرﺁن هدى للناس و بينات من الهدى و الفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ).

روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قرأ: ” فدية طعام مسكين ” و قال هي منسوخة، و روي أيضا عن سلمه بن الكوع رضي الله عنه قال: لما نزلت ( و على الذين يطيقونه فدية طعام مساكين ) كان من أراد أن يفطر و يفتدي حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها، وواضح أن تعيين الصوم الناسخ أثقل و اشد من التخيير المنسوخ.

*نسخ الحبس في البيوت لمن زنت بوجوب الجلد أو الرجم غذ كل من الجلد و الرجم أثقل من الحبس في البيوت.

*نسخ صوم يوم عاشوراء الذي كان واجبا أول الأمر بوجوب صوم رمضان و صيام شهر أشد كلفة و اشق من صوم يوم.

أنواع النسخ في القرﺁن: خاصة من حيث التلاوة أو الحكم أو هما معا و هذا موضوع بحث علوم القرﺁن خاصة.

  • نسخ التلاوة مع بقاء الحكم: أي أن الحكم الثابت بالنص يبقى العمل به ثابتا و مستمرا و إنما يجرد النص عما ثبت للقرﺁن المتلو من أحكام كالتعبد بتلاوته و صحة الصلاة به و غير ذلك و لا يثبت في المصحف.

و مثال ذلك ما روي عن عمر و أبي بن كعب أنهما قالا: كان فيما أنزل من القرﺁن ” الشيخ و الشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله و الله عزيز حكيم “.

  • نسخ الحكم مع بقاء التلاوة: أي يبطل العمل بالحكم الثابت بالنص مع بقاء النص مما يتلى و يتعبد بتلاوته و يثبت بين دفتي المصحف.

و مثاله قوله تعالى: ( و الذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج ). إن هذه الآية مثبتة في المصحف و تلاوتها متواترة على أنها قرﺁن و يتعبد بتلاوتها، تصح بها الصلاة مع أن الحكم الثابت بها و هو: وجوب التربص حولا كاملا منسوخ بقوله تعالى: ( و الذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر و عشرا )، و قد ثبت أن هذه الآية متأخرة بالنزول عن الأولى منسوخ و إن بقيت تلاوتها.

  • نسخ التلاوة و الحكم معا: بأن يبطل العمل بالحكم الثابت بالنص إلى جانب حذف النص من القرﺁن و عدم إعطائه حكم التلاوة من حيث صحة الصلاة به و التعبد بتلاوته و بالتالي عدم إثباته بالمصحف حين جمع القرﺁن.

و مثال ذلك ما روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: كان فيما انزل من القرﺁن عشر صفات معلومات يحرمن فنسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه و سلم و هن فيما يقرأن من القرﺁن.

                                                             الأستاذ: عبد اللطيف المقداد